حصريا بالفيديو : الشاعر أكرم عقل إبن محلة دياى يلقى قصيدة : مرثيةُ القلبِ البريء
مرثيةُ القلبِ البريء
اسكنْ هناكْ
في ذلك القبرِ القَصِيْ
مِثْلَ الملاكْ
وعلي جبينك غُرَّةُ الحُلْمِ الفَتِيّ
واترك وراك
كلَ الورى
ومرارةَ الحزن العَتِيّ
قد كان حتمًا أنْ تموتْ
مُذْ قد وُلِدْتَ
وأنتَ منذورٌ لهاتيك النهايةْ
مكتوبةٌ
في كل أسفارِِ النبؤاتِ القديمة
قصة الولد الذي
قد قايضَ الأحلامَ بالعمرِ الوريفِ
فهل ترومُ اليومَ تغييرَ الرواية
ستقول إنِّي قد قفزتُ
إلي النهايةْ
فَلْنَحْكِهَا منذ البدايةْ
مذ كنتَ طفلاً
أخضرَ الخطواتِ
يمشي
في بساتينِ البراءة
تَشْتَمُّ أزهارَ الرضا
وتهزُ نخلَ الأُمْنِيَاتْ
يَسَّاقَطُ الرُطَبُ الجَنِىُ
عليكَ أحلامًا
وتعلو الأغنياتْ
ورأيْتَهُ
في جانبِ البستانِ
عصفورًا
تُطَاِردُهُ عُيُونُ الصَائِدِينْ
يعلو ويعلو
ثم يسقطُ كابيًا
ومضَرَّجًا بالدمِّ
حين تغوصُ في قلبِ الفؤادِ الغضِ
طلْقاتُ الخيانةْ
تلك كانتْ
أولَ الطعناتِ في صدرِ البراءةْ
وعشقتَ
كم كانتْ جميلةْ
ورقيقةً
كالطلِ فوقَ الوردِ
في صُبْحِ الربيعْ
عينانِ صافيتانِ
تمتدانِ مثلَ البحرِ في ألقٍ بديعْ
ويَدانِ من شَمْعٍ
إذا سَلَّمت
ترتميان بين يديك كالطفل الوديع
وملامح
هي أفقك الممدود بالأحلام
حين يضيق بالأحلام
ذا الكون الوسيعْ
أحببتها
وتركت بين يَدَيْ هواها العمرَ
أيامًا تضيعْ
وغفوت في حضن الخديعة
غافلاً
حتى أَفَقْتَ علي الحقيقةْ
ناراً تُحَرِّقُ
ما تبقى من فُتاتِ الأمنيات
تلك كانتْ
ثاني الطعناتِ في صدرِ البراءةْ
وصحبتَ
كم كانوا كرامًا طيبين
كانت خُطَاهُم
في المدى
دوما تُساند خُطْوَتَك
كانتْ عيونُهم الحزينة
كلما تبكي
تُكَفْكِفُ دَمْعَتَكْ
كم كنت بينهمُ
تُحِسُ بأن قلبك في أمان
وفقدتهم
مروا كما تسلل الأضواء من يوم يموت
متتابعين إلي النهاية
بعدما تركوك وحدك
واقفًا
فردًا
تقاوم حَسْرَتَكْ
وتتابعت
من بعدها الطعناتُ
الآفا أُخر
تغزو فؤادًا
لا يكفُ عن البراءةِ والهوى
رغمَ الجراحْ
فإلي متى
ستظلُ ترقبُ
في ظلامِ الليلِ
أنوارَ الصباحْ ؟
وإلي متى
ستعاندُ الريحَ العَتِيَّهَ
بعدما وهَنَ الجَناحْ ؟
وإلي متى
ستظل ترفعُ
في وجوهِ الليلِ والأحزانِ
والأرقِ المُعَذِبِ
والأسى والسهدِ والبعدِ السلاحْ ؟
قد كان يمكن أنْ تفوز
لو كنتَ تعرِفُ مَنْ تُقَاتِلْ !
أو كان يمكن أو يجوزْ
أن تهزم الصيادَ
أقدامُ الأيائلْ !
أَنَّى تفرُ
فسوف تدركها الرَصَاصةْ
لتمرَ سهمًا صائبا للقلبِ
يغتالُ الحياةْ
لا حقَ للغزلانِ
أنْ ترجو النجاةْ
فاثبُت مكانك لا تجادل
أو تسأل الظَهْرَ الذي
أحنته أيامُ العواصف
مَنْ حَنَاهْ
مسدودةٌ كلُ الدروبِ
أمام خطْوِكَ
غيرَ دربٍ
سوف يأخذ قلبك
الملتاعَ
حتمًا للمصير
في ذلك القبرِ
المزينِ بالورود وبالحريرْ
لا تُطْمِعِ القلبَ المُعَذَّبَ في النجاةْ
لا تَسْقِهِ الوهمَ الأخيرْ
واقنعْ
بهذا اليأسِ
في قبرِ السكوتْ
أولم أَقُلْ
منذ البداية
كان حتمًا أن تموتْ
فإذا أتاك
زمنٌ جديدٌ ناضرٌ
سَمْحٌ رَضِىْ
فانفض رداك
واقطف ثمار النور
والحُلْمِ الشهي
واصعد هناك
في ساحة الرِضوان
والنور البهي